جمهور العلماء على أن حكم الحاكم أو القاضي لا يغير من حقيقة الأمر شيئًا فما كان حلالاً يبقى حلالاً وما كان حرامًا يبقى حرامًا. فلو أن قاضيًّا حكم على فلانة بحلها لفلان، وهي لا تحل له في حقيقة الأمر فإنه لا يجوز لفلان أن ينكحها. وممن قال هذا: مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود ومحمد بن الحسن.
وقال أبو حنيفة: تحل له ظاهرًا وباطنًا يعني في ظاهر الحكم وفي حقيقة الأمر، وهذا في الفروج لا في الأموال.
(♦) كأن تكون أخته من الرضاعة أو تكون تحت زوج آخر، ويكتم الرجل والمرأة والشهود هذا عند القاضي. فهذا في النكاح والفسخ وما يتعلق بهما،
وأما في الأموال؛ فاتفق العلماء على أن حكم الحاكم لا يحل ما كان حرامًا، كأن يشهد شاهد زور على فلان بأنه باع أرضه لفلان وقبض الثمن، فيقضي القاضي بتمليك المشتري المزعرم أرض البائع المدعي عليه زوزًا وبهتانًا، فهذا باتفاق الجميع لا يحل الحرام.
مغ ح 11 (ص 407) بداية ج 2 (ص 557) شرح ج 12 (ص 6).
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
قال الله جل جلاله: { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } – سورة النساء –
قال الله جل جلاله: { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } – سورة الإسراء –
قال الله جل جلاله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } – سورة الحجرات –
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بين، وبينهما أمور مُشْتَبِهَاتٌ لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشُّبُهات فقد اسْتَبْرَأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يَرْتَع فيه، ألا وإن لكل مَلِك حِمى، ألا وإن حِمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب». – حديث صحيح متفق عليه –
روي عن النبي ﷺ: (( القُضَاةُ ثَلاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الجَنَّةِ: رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ الحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ فَذَاكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ لا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالحَقِّ فَذَلِكَ فِي الجَنَّةِ )). – رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني –