اختلف العلماء في الحاكم إذا قام في نفسه من العلم ما يقطع بكذب أحد الخصمين أو صدقه، كأن يرى بعينه أو يسمع بأذنه وذلك دون أن تقوم عنده بينة من أحد الخصمين ولا يمين؛ فهل له أن يحكم بعلمه أو لا بد من إعمال أحكام القضاء من سماع الدعاوي والبينات والشهود واليمين إلى غير ذلك؟
ذهب إلى منع الحاكم من الحكم بعلمه، شريح والشعبي ومالك وإسحاق وأبو عبيد ومحمد بن الحسن والشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين.
وأجاز ذلك أبو يوسف وأبو ثور والشافعي في قوله الآخر وأحمد في رواية.
وفصل في ذلك أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى فقال: ما كان من حقوق الله تعالى فلا يحكم فيه بعلمه مطلقًا، وما كان من حقوق الآدميين فيحكم به إذا علم به اثناء ولايته أما قبل ولايته فلا.
انظر مغ ج 11 ص 400 بداية ج 2 (ص 569). وانظر اختلاف أهل العلم في إقامة الحاكم الحدًّ بعلمه في الإشراف ح 2 (ص 19). وانظر ما ذكره النووي في مسألة إقامة السيد الحد على أمته. فهي متعلقة بهذا الباب. شرح ج 11 (ص 211).
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بين، وبينهما أمور مُشْتَبِهَاتٌ لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشُّبُهات فقد اسْتَبْرَأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يَرْتَع فيه، ألا وإن لكل مَلِك حِمى، ألا وإن حِمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب». – حديث صحيح متفق عليه –
روي عن النبي ﷺ: (( القُضَاةُ ثَلاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الجَنَّةِ: رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ الحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ فَذَاكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ لا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالحَقِّ فَذَلِكَ فِي الجَنَّةِ )). – رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني –