أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم لا يكرهون القضاء في المساجد ولا يرون فيه بأسًا. روى القضاء في المسجد من فعله عن شريح والحسن والشعبي ومحارب بن دثار ويحيى بن يعمر وابن أبي ليلى وابن خلدة قاضٍ لعمر بن عبد العزيز. وروي كذلك عن عمر وعثمان وعليّ رضي الله تعالى عنهم، أنهم كانوا يقضون في المسجد.
قال مالك: القضاء في المسجد من أمر الناس القديم، وبعدم الكراهة قال مالك وإسحاق وابن المنذر. وهو مذهب أحمد.
وقال الشافعي: يكره ذلك إلا أن يحدث هذا على غير موعد أو ترتيب بأن يتفق أن يكون في المسجد خصمان فيختصمان إليه.
مغ ج 11 ص 388.
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
جاء في الموسوعة الفقهية السورية الكويتية: ( القضاء في المسجد ) : يرى الحنفية والحنابلة أن القاضي يجلس للحكم في المسجد لأنه أيسر للناس , وأسهل عليهم للدخول عليه وأجدر أن لا يحجب عنه أحد , قال أبو حنيفة : ينبغي للقاضي أن يجلس للحكم في المسجد الجامع لأنه أشهر المواضع ولا يخفى على أحد , ولا بأس أن يجلس في بيته ويأذن للناس ولا يمنع أحدا من الدخول عليه . واحتجوا في قضاء القاضي في المسجد بما روي عن عمر وعثمان وعلي أنهم كانوا يقضون في المسجد . والمسألة عند المالكية ذات طريقتين : الأولى لمالك في الواضحة : استحباب الجلوس في رحاب المسجد وكراهته في المسجد ليصل إليه الكافر والحائض , والثانية : استحباب جلوسه في نفس المسجد وهي ظاهر قول المدونة ” والقضاء في المسجد من الحق والأمر القديم ” لقوله تعالى : { إذ تسوروا المحراب } , قال الدسوقي : والمعول عليه ما في الواضحة . ويرى الشافعية كراهية اتخاذ المسجد مجلسا للقضاء ; لأن مجلس القاضي لا يخلو عن اللغط وارتفاع الأصوات , وقد يحتاج إلى إحضار المجانين والصغار , والمسجد يصان عما قد يفعله أولئك من أمور فيها مهانة به , أما إذا صادف وقت حضور القاضي إلى المسجد لصلاة أو غيرها رفع الخصومة إليه , فلا بأس بفصلها , وعلى ذلك يحمل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم وعن خلفائه في القضاء في المسجد . (35/38)