جمهور العلماء بل عامتهم على أن التملك الطارئ للقرابة سبب من أسباب العتق وعامتهم بل كلهم (أعني الجمهور) على أن مَنْ ملك وَلَدَهُ أو وَالِدَهُ، فإنهما يعتقان عليه بمجرد المِلْكِ.
قال ابن المنذر: وهذا قول كل من نحفظ عنه من أهل العلم إلا رجلًا (أبهم ابن المنذر اسمه لنكارة قوله) كان في زماننا، فإنه بلغني عنه أنه قال: لا يعتق عليه الوالد والولد. إلا أن يعتقه المالك الذي اشتراه.
(♦) هذا الرجل الذي عرَّض به ابن المنذر. هو أبو سليمان داود بن عليٍّ الأصبهاني إمام أهل الظاهر. صرح به ابن رشد في البداية وغيره. انظر بداية ج 2 (ص: 439).
قلت: وحكى ابن رشد هذا القول عنه وعن أصحابه. قلت: والجمهور على أن المعتقين بالملك هم الآباء ذكورًا وإناثًا وإن علوا، يعني الأجداد والجدات لأب أو لأم والبنون وإن سفلوا. وهو قول مالك والشافعي وابن النذر وسائر أهل العلم إلا داود.
وأما ما سوى هؤلاء من القرابة فقد نقل الخلاف فيهم ابن النذر وغيره. وحاصله: أن جماعة قالوا بعتق كل ذي رحم محرم، وهو قول عطاء والشعبي والحسن يعني كالعم والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت.
وقال آخرون: يعتق كل ذو رحم محرم ذكرًا كان أو أنثى. فأما الإناث فواضح أمرهم وأما الذكور فمعناه أن لو كانوا إناثًا حرم نكاحهم. وهو قول أصحاب الرأي وإسحاق ونحوه عن أحمد،
وقالت طائفة: لا يعتق إلا الوالد والولد أصولًا وفروعًا، وبه قال مالك والشافعي والمزني.
روي عن مالك في الإخوة شيئًا بنحو الأصول والفروع حكاه ابن رشد وابن النذر عنه.
انظر كتاب الإشراف على مذاهب أهل العلم ج 2 (ص: 277). كتاب بداية المجتهد لابن رشد ج 2 (ص: 439) شرح معاني الاثار للطحاوي ج 10 (ص: 153).
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
♦ العِتْقُ: خلاف الرِّق وهو الحرية. – معجم المعاني الجامع –
قال الله جل جلاله: { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ } – سورة البلد –
عن سعيد بن مرجانة أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: ((من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرْب -أي: عضو- منها إرْبًا منه من النار، حتى إنه ليُعتِق باليد اليد، وبالرجل الرجل، وبالفرج الفرج))، فقال علي بن الحسين: أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ فقال سعيد: نعم، فقال علي بن الحسين لغلام له -أفْرَهَ غلمانه: ادع مُطرِّفًا، فلما قام بين يديه قال: اذهب فأنت حر لوجه الله. – رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي –
