الإمام الذهبي

نسبه: هو الأمام الحافظ، مؤرخ الإسلام شمس الدين، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن عثمان قايماز بن عبد الله التركماني الفارقيّ الشافعي الدمشقي، الشهير بالذهبي.

ولادته ونشأته: وُلد الذهبي في شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٣ هـ في قرية كفربطنا في غوطة دمشق، من أسرة تركمانية الأصل، تنتهي بالولاء إلى بني تميم، وكانت تسكن في مدينة ميّافارقين من أشهر مدن ديار بكر.

ونشأ الذهبي في أسرة علمية متدينة، اعتنت بإرساله إلى مشايخ دمشق المشهورين، وأخذ الإجازات عنهم منذ نعومة أظفاره، ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره إلا وبدأت عنايته بطلب العلم واضحة كل الوضوح، وقد توجه اهتمامه إلى علم القراءات والحديث، يدفعه إلى ذلك ذكاء وقاد في المناقشة والفهم، وقدرة عجيبة على الاستذكار والحفظ، وهمة عالية في لقاء العلماء والرحلة في طلب العلم، وقد جهد في تلقي هذين العلمين مشافهة من أشهر المشايخ في ذلك العصر داخل بلاد الشام، ثم رحل إلى مصر والشام، وزار أكثر المدن لهذه الغاية الشريفة، حتى ضُرب بعلمه المثل، وذاع صيته في العالم الإسلامي، وقصده طلاب العلم من كل مكان، بعد أن أصبح إماماً في القراءات، وشيخاً حافظاً في الحديث، وعالماً بارعاً في النقد، وعَلماً حجة في الجرح والتعديل.

نشاطه العلمي ومناصبه: تولى الذهبي عدة وظائف علمية في دمشق شملت الخطابة والتدريس والمشيخة في كبريات دور الحديث؛ كدار الحيث بتربة أم الصالح، ودار الحديث الظاهريّة، ودار الحديث والقرآن التنكزية، ودار الحديث الفاضلية، ولم تشغله هذه الوظائف عن البحث والتأليف، بل ترك ثروة علمية عظيمة ومباركة أودعها كتبه ومؤلفاته التي بلغت ٢١٥، واشتملت على موضوعات: القراءات، والحديث، ومصطلح الحديث، والتاريخ، والتراجم، والعقائد، وأصول الفقه، والرقائق.

ومن أشهر هذه الكتب:

  • (تاريخ الإسلام الكبير) ويقع في ٣٦ مجلداً.
  • (سير أعلام النبلاء) ويقع في ٢٣ مجلداً.
  • (ميزان الاعتدال) طبع في ٤ مجلدات.
  • (العبر في خبر من غبر) طبع في ٥ مجلدات.
  • (المغني في الضعفاء) طبع في مجلدين.
  • (الكاشف) طبع في ٣ مجلدات.
  • (تذكرة الحفاظ) طبع مع الذيل في ٣ مجلدات.

ثناء العلماء عليه:

  • قال شيخ الإسلام بن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: “شربت ماء زمزم لأصل مرتبة الذهبي في الحفظ”
  • وقال عنه الحافظ ابن كثير: “وقد خُتم به شيوخ الحديث وحفّاظه…”
  • وقال عنه تلميذه التاج السبكي في شذرات الذهب: “أما أستاذنا أبو عبد الله فبصر لا نظير له، وكنز، هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حفظاً، وذهب العصر معنى ولفظاً، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل، كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها، ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها…”
  • وقال السيوطي في ذيل تذكرة الحفاظ: “والذي أقوله: أن المحدثين عيالٌ الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المزي والذهبي والعراقي وابن حجر”
  • وقال عنه الصفدي في الوافي بالوفيات: “لم يكن عنده جمود المحدثين، بل كان فقيه النّفَس، له دراية بأقوال الناس”.

وفاته: 

أضرَّ الإمام الذهبي في أخريات حياته، وعاش بعد فقد بصره سبع سنوات، وتوفي ليلة الاثنين ٣ ذو القعدة سنة ٧٤٨ هـ ودفن بمقابر باب الصغير بدمشق. وكان ممن رثاه التاج السبكي بقصيدة أولها:

  • من للحديث وللسارين في الطلب …… من بعد موت الإمام الحافظ الذهبي
  • من للرواية والأخبار ينشرها …… بين البرية من عجم ومن عرب
  • من للدراية والآثار يحفظها …… بالنقد من وضع أهل البغي والكذب
  • من للصناعة يدري كل معضلها …… حتى يريك جلاء الشك والريب
  • هو الإمام الذي روت روايتُهُ ……وطبق الأرض من طلابه النجب
  • ثبت صدوق خبير حافظ يقظ …… في النقل أصدق إنباء من الكتب

رحم الله الإمام الذهبي رحمة واسعة، وغفر له وجمعنا به تحت لواء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.