دية الأذنين

أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن في الأذنين إذا قطعتا من أصلهما الدية كاملة وفي إحداها نصف الدية. روى ذلك عن عمر وعليٍّ، وبه قال عطاء ومجاهد والحسن وقتادة والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي ومالك في إحدى الروايتين عنه، وهو مذهب أحمد.

وقال مالك في الصحيح المشهور عنه: لا دية فيهما إلا إذا ذهب سمعهما وإلا ففيهما الاجتهاد وهو الحكومة.

(♦) وأما السمع إذا ذهب فقد نفى الخلاف في وجوب الدية إذا ذهب من الأذنين الموفق، ونقله ابن المنذر وقال: روى ذلك عن عمر، وبه قال مجاهد وقتادة والثوري والأوزاعي وأهل الشام وأهل العراق ومالك والشافعي وابن المنذر، ولا أعلم عن غيرهم خلافًا لهم. قلت: وحكاه ابن رشد عن الجمهور.

انظر مغ جـ 9 ( (ص 593 + ص 595) بداية جـ 2 (ص 504).


قال الشافعي -رحمه الله- تعالى في معنى الحكومة: ومعنى الحكومة أن يُقَوُّمُ المجني عليه كم يساوي أن لو كان عبدًا غير مجني عليه؟ ثم يقوم مجنيًّا عليه فينظر كم بين القيمتين فإن كان العُشْر؛ ففيه عُشْر الدِّية أو الخُمس فعليه خمس الدية .. اهـ، قلت: ولا شك أن هذا لا يمكن اعتباره في زماننا والذي أراه أن ينظر للعضو المجني عليه كم فوت من منفعةٍ على صاحبه؟ وذلك بالنظر إلى المجني عليه نفسه من حيث ما يمكن أن يجره على نفسه من نفع لو كان سليمًا معًا في وذلك بالنظر إلى مؤهلاته وإمكاناته أو وظيفته التي كان فيها أصلاً أو مهنته التي كان يمتهنها قبل الجناية عليه، فكل نقص في النفع جرته تلك الجناية على المجني عليه تكون قيمته المقدرة بنظر أهل الخبرة والعدل والثقة حكومةً أو نسميه بدل ضررٍ أو قيمة التلف، وهذا ممكن وجارٍ في بعض المسائل القانونية في أنحاء شتى من العالم، وهذا كله إذا لم تكن الجناية قد اتلفت شيئًا قد جاء الشرع بتحديد ديته أو قيمة الضمان فيه، هذا مبلغ اجتهادي في هذه المسألة والله تعالى أعلم. وانظر كلام الشافعي وشرحه في الحاوي جـ 12 (ص 301، 243).

– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –


قال الله جل جلاله: { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } – سورة المائدة/٤٥ –

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: ((لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)) – حديث صحيح رواه الإمام البخاري –