ليس في هذه المسألة أعني في أصلها قول للجمهور لكنني أثبتها في أصل الكتاب لأنها من أمهات مسائل للققه، ولو أردت تلخيصها لقلت:
انقسم الفقهاء في زوجة المفقود الذي لا يعرف حاله إلى قسمين:
قسم لم يفرق يين أحوال فقده فجعلها حالاً واحدة يستوي في ذلك من فقد في حال يغلب عليها هلاكه، ومن فقد في حال يرجى عوده ولكن لا يعرف حاله،
وقسم فرقوا على النحو الذي ذكرت،
فأما من لم يفرق فعلي قولين:
الأول: تتربص أربع سنين بحكم حاكم ثم يحكم لها بموت زوجها وتعتد الزوجة أربعة أشهر وعشرًا ثم تحل للأزواج،
والثاني: تبقى حبيسة حتى يتيقن موته.
وأما من فرق فقال: إن غلب على الظن هلاكه باعتبار الحال الذي فقد فيها فتتربص أربع سنين على النحو الذي ذكرناه آنفًا. وإلا بأن كان يرجى عوده باعتبار الحال الذي فقد فيها فتبقى حبيسةً أو مدة يغلب على الظن فيها هلاكه على اختلاف يينهم في هذا منهم من قال تسعون عامًا منذ أن ولد مع زمان فقده ومنهم من قال مائة وعشرون عامًا وفيهم من قال سبعون عامًا وقد قال بهذا القول جماعة من أهل الفريق الأول أعني الذين لم يفرقوا بين أحوال فقد الغائب.
قلت: ومن الفقهاء من جعل هذا الاختلاف قاصرًا على زوجة المفقود فقط، فأما مال المفقود فعنده أنه لا يقسم حتى يتيقن موته إما بحكم حاكم أو بما يغلب على الظن أنه لا يعيش مدة من الزمان أكثر منها.
مغ ج 7 ص 206. انظر مغ ج 7 ص 205 الحاوي الكبير ج 11 ص 316.
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
عن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه في امرأةِ المفقودِ أنَّه: (أمَرَها أن تتربَّصَ أربَعَ سِنينَ مِن حينَ رَفَعَتْ أمْرَها إليه، ثمَّ دعا ولِيَّه فطَلَّقَ، وأمَرَها أن تعتَدَّ أربعةَ أشهُرٍ وعَشرًا، قال: ثمَّ جئتُ بعدما تزوَّجَتْ فخَيَّرَني عمَرُ بينها وبين الصَّداقِ الذي أصدَقْتُ). – صححه ابن الملقن في البدر المنير –
عن ابنِ المسَيِّب: (أنَّ عُمَرَ وعُثمانَ قَضَيا في المفقودِ أنَّ امرأتَه تتربَّصُ أربَعَ سِنينَ وأربعةَ أشهرٍ وعَشرًا بعد ذلك، ثمَّ تُزَوَّجُ، فإن جاء زوجُها الأوَّلُ خُيِّرَ بين الصَّداقِ وبينَ امرأتِه). – صححه ابن حزم في المحلى –