الماء الراكد القليل والكثير

باب في الفرق بين قليل الماء الراكد وكثيره إذا وقع فيه نَجَس (١)

مسألة (13) 

جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الماء الراكد إذا وقع فيه شيء من النجاسات فإنه لا فرق في ذلك بين قليل الماء وكثيره من أنه لا ينجس حتى تتغير صفته من طعم أو لون أو ريح.

روي ذلك عن حذيفة وأبي هريرة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم. وهو مروي عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وعكرمة وعطاء وجابر بن زيد وعبد الرحمن بن أبي ليلى والنخعي ومالك والأوزاعي والثوري ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد في إحدى الروايتين وداود. قال ابن المنذر: وبهذا المذهب أقول. قال النووي: واختاره الغزالي في الإحياء، واختاره الروياني في كتاب البحر والحلية. قال في البحر: وهو اختياري واختيار جماعةٍ رأيتهم بخراسان والعراق. قال النووي -رحمه الله تعالى: وهذا المذهب أصحها بعد مذهبنا. 

وقالت طائفة: ينجس قليل الماء بمجرد وقوع النجاسة فيه ولو لم تغير صفة من صفاته ولا ينجس الكثير منه إلا بالتغير. وما كان دون القلتين فهو قليل وإلا فهو كثير (٢) وبهذا قال الشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأحمد في روايةٍ. وهو مروي عن ابن عمر – رضي الله عنه – وسعيد ابن جبير ومجاهد. 

وقال أبو حنيفة: القليل الذي ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه هو الذي إذا حرك أحد جانبيه تحرك جانبه الآخر وما لا فهو كثير لا ينجس إلا بالتغير.

قلت: وفي المسألة غير هذا الذي ذكرناه من مذاهب الفقهاء (٣).

مغ ج (1) ص 161، مغ ج (1) ص 24، نيل ج (1) ص 36


(١) لا خلاف بين أهل العلم في أن الماء الراكد إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت إحدى صفاته فإنه ينجس سواء كان الماء قليلًا أو كثيرًا. حكى الإجماع في هذه المسألة ابن المنذر. انظر مغ ج 1 ص 24. وانظر. نيل ج 1 ص 37. قلت: وأما إذا وقعت النجاسة ولم تغير ففي ذلك خلاف وهي مسألة الكتاب. (٢) القلتان تعدلان برميلًا واحدًا أو إحدى عشرة تَنَكةً.
(٣) حكى ابن المنذر في هذه المسألة سبعة مذاهب نقلها عنه النووي في المجموع فانظرها هناك. مج ج 1 ص 161.


سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهوَ يُسألُ عَنِ الماءِ يكونُ في الفلاةِ مِنَ الأرضِ وما يَنوبُهُ مِنَ السباعِ والدوابِّ؟ فقال: (( إذا كان الماءُ قُلتينِ لمْ يحملِ الخبثَ )).

الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : يحيى بن معين | المصدر : تنقيح تحقيق التعليق | الصفحة أو الرقم : 1/22 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد | التخريج :أخرجه أبو داود (64)، والترمذي (67)، والنسائي (328)، وابن ماجه (517)، وأحمد (4605) باختلاف يسير، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (6) واللفظ له.