التيمم بوجود الماء لخوف فوات وقت الصلاة

مسألة (109) 

جمهور أهل العلم منهم مالك والشافعي على أنه لا يجوز التيمم مع وجود ماء يقدر على استعماله ولا يحتاج إليه لعطش ونحوه، وسواء خاف خروج وقت الصلاة لو توضأ أم لا، والفرائض وصلاة العيد والجنازة في ذلك سواء.

وذهبت طائفة إلى أنه يجوز له التيمم إذا خاف لو اشتغل بالوضوء خروج وقت الصلاة. ثمَّ يتوضأ بعد ذلك ويعيد الصلاة، وهو قول الأوزاعي والثوري، وبه قال مالك في رواية. وهو وجه شاذ في المذهب الشافعي. حكى هذا القول عن هؤلاء العبدريُّ (1).

وقال أبو حنيفة: يجوز التيمم لصلاة العيد والجنازة مع وجود الماء إذا خاف فوتهما. وحُكي هذا عن الزهري والأوزاعي والثوري وإسحاق وأحمد في روايةٍ عنه، وبه قال إبراهيم النخعي ويحيى الأنصاري والحسن البصري وسعد بن إبراهيم والليث وأصحاب الرأي.

وقال الشعبي: في من خاف فوت الجنازة إذا توضأ؛ يصلي عليها من غير وضوء ولا تيمم؛ لأنها لا ركوع فيها ولا سجود، وإنما هي دعاءٌ فأشبهت الدعاء في غير الصلاة (2). وحُكي مثل ذلك عن داود وابن جرير الطبري.

مج ج 2 ص 246، مغ ج 1 ص 268، قرطبي ج 6 ص 99.


(1) قال مالك في رواية ابن القاسم عنه في رجل يأتي البئر (بئر الماء) في آخر الوقت وهو يخشى إن نزل ينزع بالرشا ويتوضأ يذهب وقت تلك الصلاة، قال مالك: فليتيمم وليصل. قلت: وهذا في المسافر وقد سأل سحنون ابن القاسم في تلك المسألة هل عليه أن يعيد الصلاة في قول مالك إذا توضأ بعد ذلك؛ قال ابن القاسم: لا. ونُقل عن مالك أن هذا هو قوله في من كان من أهل الحضر لا من أهل السفر، ونقل عنه أنه قال مرة في غير المسافر أنه يعيد الصلاة إذا توضأ بعد ذلك. انظر المدونة ج 1 ص 47.
(2) انظر هذه المسألة في الحاوي ج 1 ص 281، مغ ج 1 ص 269، تحفة ج 1 ص 39، الشرح الصغير ج 1 ص 182، إعلاء السنن ج 1 ص 225، معاني الآثار في ج 1 ص 86. قال ابن القاسم لسحنون: قد أخبرتك أن مالكًا قال في الرجل في الحضر يخاف أن تطلع عليه الشَّمسُ إن ذهب إلى النيل (نهر النيل) وهو في المعافر (ناحية من نواحي مصر القديمة) أو في أطراف الفسطاط. أنه يتيمم ولا يذهب إلى الماء. المدونة ج 1 ص 48. قلت: وأما التيمم لخوف فوت الجنائز والعيدين؛ فمنع من ذلك -رحمه الله- فيما رواه ابن القاسم عنه. انظر المدونة ج 1 ص 51.