جمهور الفقهاء على أن من حلف بالطلاق على فعل شيء أو ترك شيء، ثم حنث في يمينه؛ فإن طلاقه يقع، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد.
وذهبت طائفة من السلف وجمع من المتأخرين إلى أنه لا يقع طلاقه، وهؤلاء ما بين أن يجعلوه يمينًا ففيه الكفارة أو لا يُعَدُّ شيئًا ولا كفارة فيه ولا طلاق.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله- جوابًا على سؤال فيمن حلف بالطلاق على أمرٍ من الأمور ثم حنث في يمينه هل يقع به الطلاق أو لا؟:
أما المسألة (الأولى) ففيها نزاع بين السلف والخلف على ثلاثة أقوال: (أحدها): أنه يقع به الطلاق إذا حنث في يمينه وهذا هو المشهور عند أكثر الفقهاء المتأخرين حتى اعتقد طائفةٌ منهم أن ذلك إجماع.
ثم ذكر -رحمه الله- القول الثاني فقال: (والقول الثاني): أنه لا يقع به طلاق ولا يلزمه كفارة، وهذا مذهب داود وأصحابه وطوائف من الشيعة ويذكر ما يدل عليه عن طائفةٍ من السلف بل مأثور عن طائفةٍ صريحًا؛ كأبي جعفر الباقر رواية جعفر بن محمد.
ثم ذكر القول الثالث فقال -رحمه الله-: (والقول الثالث): وهو أصح الأقوال، وهو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار أن هذه يمين من أيمان المسلمين فيجري فيها ما يجري في أيمان المسلمين؛ وهو الكفارة عند الحنث إلا أن يختار الحالف إيقاع الطلاق فله أن يوقعه ولا كفارة، وهذا قول طائفة من السلف والخلف؛ كطاوس وغيره. اهـ موضع الغرض (1).
(1) وقد انتصر ابن تيمية لقوله هذا أشد الانتصار وأما محمَّد بن حزم الأندلسي فقد انتصر للقول الثاني وهو أنه لا يعتبر يمينًا وليس فيه كفارة ولا يقع به طلاق.
انظر محلى ج 15 (ص 211).
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –