جمهور العلماء على أن من أفطر يومًا من رمضان عمدًا من غير جماع فإنه يكفيه لإبراء ذمته لذلك اليوم أن يقضي يومًا مكانه مع وجوب إمساك بقية اليوم الذي أفطر فيه، وهذا الذي ذكرناه هو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى.
وحكى ابن المنذر وغيره عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه يلزمه أن يصوم اثنى عشر يومًا،
وقال سعيد بن المسيب: يلزمه صوم ثلاثين يومًا،
وقال النخعي ووكيع: يلزمه صوم ثلاثة آلاف يوم،
وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما: لا يقضيه صوم الدهر (١).
مج ج 6 ص 292، مغ ج 3 ص 51.
♦ وأما الكفارة ففيها خلاف:
مذهب الشافعي -رحمه الله- أنه لا كفارة إلا بالجماع. وهو قول سعيد بن جبير وابن سيرين والنخعي وحماد ابن أبي سليمان وأحمد وداود،
وعن أحمد فيمن أنزل (المني) بلمس أو قبلة أو تكرار نظر عليه الكفارة، وكذلك رُوي عنه في المحتجم العالم بالنهي، وبه قال عطاء مطلقًا،
وقال مالك: تجب الكفارة بكل ما يفسد الصوم،
وعن عطاء والحسن والزهري والثوري والأوزاعي وإسحاق فيمن يفطر بالأكل أو الشرب عليه الكفارة وبه يقول أبو حنيفة ولكن قيده بما يصلح أن يتغذى به أو يتداوى به عادة.
انظر هذه المسألة مغ ج 3 ص 50، مج ج 6 ص 292، الحاوي ج 3 ص 434، قرطبي ج 2 ص 321.
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي –
(١) قال أحمد: قال إبراهيم (يعني النخعي) ووكيع: يصوم ثلاثة آلاف يوم. قال الراوي: وعجب أحمد من قولهما. حكاه الموفق. انظر مغ ج 3 ص 51، وانظر الحاوي ج 3 ص 435.
♦ الكفارة: عن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاء إليه رجلٌ فقال: هلكْتُ يا رسولَ الله. قال: وما أهلَكَك؟ قال: وقعْتُ على امرأتي في رمضانَ، فقال: هل تجِدُ ما تُعتِقُ؟ قال: لا. قال: هل تستطيعُ أن تصومَ شَهرينِ مُتَتابعينِ؟ قال: لا. قال: فهل تجِدُ إطعامَ سِتِّينَ مِسكينًا؟ قال: لا. قال: فمكث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَرَقٍ فيها تَمرٌ- والعَرَقُ: الْمِكتَلُ- قال: أين السَّائِلُ؟ فقال: أنا. قال: خذْ هذا فتصَدَّقْ به. فقال الرجُلُ: على أفقَرَ مني يا رسولَ اللهِ؟ فواللهِ ما بين لابَتَيْها- يريدُ الحَرَّتَينِ- أهلُ بَيتٍ أفقَرُ مِن أهل بيتي. فضَحِكَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ أنيابُه، ثم قال: أطعِمْه أهلَك)).– حديث صحيح رواه البخاري ومسلم –
♦ تنبيه: فتعمد الفطر في نهار رمضان بالجماع أو غيره من أكبر الكبائر وأعظم الموبقات. – راجع كتاب الكبائر للإمام الذهبي الدمشقي –