زكاة الحبوب

أكثر من بلغنا من أهل العلم على أن الحبوب التي تجب فيها الزكاة يعتبر نصابها كلٌّ على حدة فلا يُضم بعضها إلى بعض، وبه قال عطاء ومكحول وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح وشريك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد في رواية.

وقال عكرمة: يُضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب، وحكاه ابن المنذر عن طاوس.

قال أبو عبيد: لا نعلم أحدًا من الماضين جمع يينهما إلا عكرمة، وبه قال أحمد في رواية،

وقال آخرون: يضم القريب إلى قريبه والشبيه إلى شبيهه فتضم الحنطة إلى الشعير وبه قال مالك والليث وأحمد في رواية (1).

مغ ج 2 ص 594.


(1) انظر بداية ج 1 ص 350.


قال الله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخَلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } – سورة الأنعام/١٤١ –

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ }  – سورة البقرة/٢٦٧ –

عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ ﷺ قال: ((فيما سَقَتِ السماءُ والعُيُونُ أو كان عَثَرِيًّا العُشرُ، وما سُقِيَ بالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ)) – حديث صحيح رواه البخاري –

وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه فيما سَقَتِ السَّماءُ بالمَطَرِ، وما سَقَتْه العيونُ، أو كان عَثَرِيًّا، وهو ما سُقِيَ بالأنهارِ والوِديانِ الجاريةِ دونَ الحاجةِ إلى الآلةِ أو مُؤنةٍ زائدةٍ ففيه العُشر؛ وكلُّ زَرْعٍ سُقِيَ بجهد وتكلفة بسَببِ إخراجِ الماءِ مِن البِئرِ بالبَعيرِ أو الآلةِ، فإنَّ فيه نِصفَ عُشْرِ غلَّتِه، والفرْقُ ثِقَلُ المُؤنةِ هنا، وخِفَّتُها فيما يُسقَى بغَيرِ آلةٍ أو مُؤنةٍ. والله أعلى وأعلم.