هل للساحر توبة؟

وأما إذا تاب الساحر قبل قتله فعند الإمام مالك لا تقبل توبته، لأنه عنده كالزنديق الذي يتلوّن بالكفر والإِسلام ولا يعرف له حال يحمل على الصدق في التوبة،

وعند الشافعي: تقبل توبته وتوبة الزنديق والمنافق المبطن للكفر والمظهر للإيمان إذا أظهر كفرًا ثم تاب،

وهذا كله من الساحر الذي يسحر بما فيه كفر، وإلا بأن سحر بما ليس فيه كفر فيقتل عند مالك ولا يقتل عند الشافعي وغيره،

فإذا سحر وأدى سحره إلى ما يوجب القصاص؛ بأن قتل بسحر: يُقتل، وأقرَّ قتل في قولهم جميعًا، وإلا بأن قال: ما ظننت أن مثل هذا يقتل، أو قال: سحرته بما قد يقتل وبما قد لا يقتل، ففيه خلاف، والأصح أنه لا يُقتل وفيه الدية والكفارة.

انظر شرح جـ 14 (ص 176) الإشراف جـ 2 (ص: 408).

– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –


الساحر يصبح كافراً حين يتعلم السحر كما قال جل جلاله: { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } – سورة البقرة/١٠٢

عن بجالة بن عبدة أنه قال : ( كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ، فقتلنا ثلاث سواحر ). – حديث صحيح رواه الإمام البخاري –

روي من طرق متعددة أن الوليد بن عقبة كان عنده ساحر يلعب بين يديه، فكان يضرب رأس الرجل، ثم يصيح به فيرد إليه رأسه، فقال الناس: سبحان الله يحيي الموتى! ورآه رجل من صالحي المهاجرين، فلما كان الغد جاء مشتملًا على سيفه وذهب يلعب لعبه ذلك، فاخترط الرجل سيفه فضرب عنق الساحر، وقال: إن كان صادقًا فليحي نفسه، وتلا قوله تعالى: { أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } [الأنبياء: ٣]، فغضب الوليد إذ لم يستأذنه في ذلك، فسجنه ثم أطلقه. – رواه ابن كثير الدمشقي في تفسيره –

والتوبة تمحو ما قبلها من الإثم، إذا استوفت شروطها من الإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم معاودته، والندم على فعله:

قال جل جلاله: { قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } – سورة الزمر/٥٣ –،

قال النبي : (( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )). – رواه ابن ماجه –