ليس في هذه المسألة إجماع ولا قول للجمهور وإنما الخلاف فيها قويُّ لتعارض الأدلة مع اتفاقهم على أن العلة في الجواز والمنع منه هي المصلحة للمسلمين ومنع النكاية فيهم فمن ذهب إلى الجواز اشترط أن يكون المشركون أو الكفار المستعان بهم ذوي رأي حسن في المسلمين وأن يكونوا تحت سلطان المسلمين،
ومن منع مطلقًا فقد آثر السلامة وحقق العلة والمقصود بأقل كلفة وأدنى عناء،
فإلى الأول ذهب الشافعي وأبو حنيفة وأحمد في رواية تدل على الجواز وإلى الثاني ذهب ابن المنذر والجوزجاني وجماعة آخرون.
مغ جـ 10 (ص 456) نيل جـ 8 (ص 45) شرح جـ 12 (ص 199).
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
فلا يجوز الاستعانةُ بالمشركين للدفاع عن المسلمين مطلقًا، وهي نصوص في محل النزاع، ولأن عداوة المشركين للمسلمين أصلية راسخة في جذر قلوبهم، فتمنع من نصحهم لنا؛ والتاريخ خير شاهد على غدرهم، وفظَائعُهم مع المسلمين لا تنسى، ولله درّ الشاعر حين قال:
كُلُّ الْعَدَاوَاتِ قَدْ تُرْجَى مَوَدَّتُهَا *** إِلاّ عَدَاوَةَ مَنْ عَادَاكَ فِي الدِّينِ.
ولكن إن اضْطُروا للاستعانة بهم، ولم تكن لهم حيلة غيرها، وخافوا الهلكة على أنفسهم – فجائز؛ شريطةَ ألاَّ يُؤْذُوا مسلمًا في دمٍ أو مال أو حرمة مما لا يحل؛ لقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، وهذا عمومٌ لكل مَن اضْطُرَّ إلى محرَّمٍ مَنَعَ منه نصٌّ أو إجماع، – الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي –