الغلول من الغنيمة ومن بيت المال والزكاة

الكبيرة التاسعة عشرة: الغلول من الغنيمة ومن بيت المال والزكاة

قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغلُل يَأتِ بِمَا غَلَّ يَومَ القِيَامَةِ} – سورة آل عمران.

قال أبو حُميد الساعدي: استعمل النبي ﷺ رجلاً من الأزدِ يُقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدي إليّ. فقام النبي ﷺ على المنبر، فحمدَ اللهَ وأثنى عليه ثم قال: ((أما بعد: فإني أستعملُ الرجلَ منكم فيقول: هذا لكم وهذا أُهدي لي! أفلا جلس في بيت أبيه وأمِّه حتى تأتيه هديتُه إن كان صادقاً، واللهِ لا يأخذ أحدٌ منكم شيئاً بغير حقٍّ إلا لقي اللهَ يحملُه يومَ القيامة، فلأعرفنَّ رجلاً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رُغاء، أو بقرة لها خُوار، أو شاة تَيعر، ثم رفع يديه فقال: اللهم هل بلغت)) – رواه أبو داود | والخُوار: صوت البقرة. واليُعار: صوت الشاة.

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى خيبرَ، فلم نغنم ذهباً ولا وَرِقاً، غنمنا المتاعَ والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي ومع رسول الله ﷺ عبدٌ له، وهبه له رجل من جُذام، فلما نزلنا قام عبدُ رسول الله  يَحُلُّ رحلَه، فرُمي بسهم فكان فيه حتفُه، فقلنا: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله! فقال: ((كلا، والذي نفسُ محمدٍ بيده إنَّ الشملةَ لتلتهبُ عليه ناراً، أخذها من الغنائم يوم خيبرَ لم تصبها المقاسم)) قال: ففزعَ الناسُ، فجاء رجلٌ بِشراكٍ أو – شِراكين – فقال: ((شراكٌ – أو شِراكان – من نار)) – متفق عليه. | والشملة: إزار يُتّشح به. والشَّراك: سير من سيور النعل التي على وجهها.

وأخرج أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله وأبا بكر وعمر حرَّقوا متاعَ الغَالِّ وضربُوه.

وقال عبد الله بن عمرو؛ كان على ثَقَلِ رسول الله ﷺ رجلٌ يقال له: كِركِرَة، فماتَ، فقال النبي ﷺ: ((هو في النّار)). فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عَبَاءَةً قد غلَّهَا. 

وفي الباب الأحاديث كثيرة، ويأتي بعضها في باب الظلم.

  • أحدهما: أكل المال بالباطل.
  • وثانيها: ظلم العباد بالقتل والضرب والكسر والجراح.
  • وثالثها: ظلم العباد بالشتم واللعن والسبِّ والقذف. وقد خطب النبي ﷺ الناسَ بمنى فقال: ((إنّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ كحرمةِ يومِكُم هذا في شهرِكُم هذا في بلدِكم هذا)) – متفق عليه. 

وقال النبي ﷺ: ((لا يقبل اللهُ صلاةً بغير طُهور ولا صدقةً من غُلول)) – رواه مسلم والترمذي. 

وقال زيد بن خالد الجهني: ((إن رجلاً غلَّ في غزوة خيبر، فامتنع النبيُّ ﷺ من الصلاة عليه وقال: ((إنَّ صاحبَكم غلَّ في سبيل الله)). ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خَرَزاً ما يُساوي درهمين. – رواه الإمام مالك في الموطأ.

وقال الإمام أحمد: ما نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحد إلا على الغالِّ وقاتلِ نفسه. 

  • كتاب الكبائر وتبين المحارم للإمام الذهبي – حققه محي الدين مستو.
  • للمتوسمين | lilmutawasimin

—————

معنى الغلول:

الغلول – في اللغة -: يقال: “غَلَّ من المْغَنَم يَغُلُّ – بالضم – غُلولاً: خان” – مختار الصحاح للرازي.

وفي الاصطلاح: هو “أَخْذُ مَا لَمْ يُبَحْ الانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا” – شرح حدود ابن عرفة.

ويُقاس على الغلول الاختلاس من المال العام، وهو الأخذ منه بغير وجه حقٍّ؛ بجامع عدم إباحة الانتفاع بكلٍّ قبل الحَوْزِ.

بعض صور التعدّي على المال العام:

  1. الأخذ من المال العام بغير وجه حقٍّ (الاختلاس).
  2. الرِّشوة.
  3. الهدايا وقبول الدعوة.
  4. الاستخدام المفرِط للمال العام (التعسُّف باستعمال الصّلاحيات).
  5. الاستخدام الشخصي للممتلكات العامة.
  6. تخفيض الرُّسوم والمستحقّات على بعض الجهات من باب المحاباة والمحسوبية. – دار الإفتاء المملكة الأردنية الهاشمية.