أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من نذر نذرًا يمنع به نفسه من فعل شيء نهى الشرع عنه، بأن قال لله عليّ نذر كذا (يعني حج البيت أو صدقة مالي أو صوم كذا وكذا). إن كلمت فلانًا، أو إن زرت فلانًا. فإن هذا النذر يخرج مخرج اليمن المنعقدة (ويسمى نذر اللجج والغضب) وهو بالخيار إن شاء برَّ بيمينه ولا شيء عليه، وإن شاء حنث وكفرَّ عن يمينه. وما ذكرناه قول عمر وابن عباس وابن عمر وعائشة وحفصة وزينب بنت أبي سلمة رضي الله تعالى عنهم. وبه قال عطاء وطاوس وعكرمة والقاسم والحسن وجابر بن زيد والنخعي وقتادة وعبد الله بن شريك والشافعي والعنبري وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر، وهو مذهب أحمد في إحدى الروايتين.
وقال سعيد بن المسيب: لا شيء في الحلف بالحج.
وحكي عن الشعبي والحارث العكلي وحماد والحكم: لا شيء في الحلف بصدقة ماله.
وقال أحمد في رواية: لا يجزئه الوفاء بنذره وتتعين عليه الكفارة،
وقال أبو حنيفة ومالك: يلزمه الوفاء بنذره.
قلت: وأغرب ابن رشد في البداية فزعم أن من ألزم نفسه بشيء من القرب على النحو الذي وصفناه أنها تلزمه. وجمله قولًا للجمهور.
مغ ج11 (ص 195). انظر بداية ج 1 (ص: 542). وانظر شرح ح 11 (ص 104).
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
قال الله جل جلاله: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }. – سورة المائدة/٨٩ –
♦ اليَمينُ اصطِلاحًا: توكيدُ الحُكمِ بذِكرِ اسمِ اللهِ سُبحانَه وتعالى، أو صِفةٍ مِن صِفاتِه؛ على وَجهٍ مَخصوصٍ. – روضة الطالبين للإمام النووي الدمشقي –
عن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: ((إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ)). – رواه البخاري –