(♦) قال الموفق: بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية فدعاهم عمر إلى بذل الجزية، فأبوا وأنفوا، وقالوا: نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشركٍ صدقة فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين إن القوم لهم بأس وشدة وهم عرب يأنفون من الجزية فلا تعن عليك عدوك بهم وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عليهم عمر في طلبهم فردهم وضعف عليهم.
جمهور أهل العلم بل عامتهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الجزية لا تؤخذ من نصارى بني تغلب. وإنما تؤخذ منهم الزكاة مُضَعَّفَةً من كل حي من الإبل شاتان، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعان، ومن كل عشرين دينارًا دينارٌ، ومن كل مئتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقت النواضح والدواليب وغيرها من آلات السقي العشر. روي عن عمر في قوله وفعله، وقال به ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي.
وروي عن عمر بن العزيز أنه أبى على نصارى بني تغلب إلا الجزية، وقال: لا والله إلا الجزية، وإلا فقد آذنتكم بحرب.
وروي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي، لأقتلن مقاتلتهم، ولأسبين ذراريهم؛ فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نَصّرُوا أولادهم.
قال الموفق: وذلك أن عمر – رضي الله عنه – صالحهم على أن لا يُنَصِّرُوا أولادهم.
مغ ج 10 ص 590. مغ ج 10 ص 591
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
قال الله جل جلاله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} – سورة التوبة/٢٠ –
قال المغيرة بن زرارة الأسدي ليزدجرد قبل معركة القادسية ضد الفرس: (اختر إن شئت الجزية عن يد وأنت صاغر، وإن شئت فالسيف، أو تسلم فتنجي نفسك. فقال: أتستقبلني بمثل هذا- الكلام الشديد- فقال: ما استقبلت إلا من كلمني، ولو كلمني غيرك لم أستقبلك به. فقال: لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم، لا شيء لكم عندي) – تاريخ الإمم والملوك للطبري –
عن جبير بن حية أن المغيرة بن شعبة قال لكسرى: “أمرنا نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية” – اخرجه البخاري –