لا خلاف يعلم بين العلماء، بل هو إجماع على أن الهدنة جائزة بين المسلمين وبين أهل الحرب من الكفار والمشركين إذا رأى الإمام المصلحة في ذلك إما لضعف بالمسلمين، وإما لطمع في دخول الكافرين في الإِسلام،
وأما لغير مصلحة فلا تجوز في قولهم جميعًا،
وأما توقيت الهدنة بمدة غير معينة، فلا يجوز في قول العلماء جميعًا مع اختلافهم في أكثر ما تجوز فيه المهادنة:
فالشافعي ومن وافقه على أنها لا تجوز أكثر من عشر سنين،
وأبو حنيفة ومن معه لا يحدد فيها شيء، وإنما بحسب ما يراه الإِمام من المصالح والحاجات.
وتجوز المهادنة وتسمى موادعة ومعاهدة على عوض، وعلى غير عوض:
أما على عوض يبذلونه لنا فجائز باتفاق، وأما على عوض نبذله لهم، فعلى مذهبين أحدهما المنع ولا شك في الجواز إذا كان بالمسلمين ضرورة لهذا.
قلت: ولا يخفى أن ما وقعه أو أقره أو رضي به أو دعا إليه معظم حكام المسلمين والعرب مع دولة اليهود الغاصبة لا يدخل تحت مسمى شرعي فقهي واحدٍ، وإنما هو خروج عن الشريعة وإجماع المسلمين ضعفًا وهوانًا، بل هو خيانة ظاهرة لمصالح الأمة ومقدساتها وإسلامٌ لديار المسلمين ودمائهم وأعراضهم لأعداء الله تعالى، فحسبنا الله ونعم الوكيل، وأما فقهاء السوء وعلماء السلاطين فعلامة من علامات غضب الله تعالى على هذه الأمة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
انظر في هذه المسائل. المغني لابن قدامة المقدسي الدمشقي جـ 10 (ص 517) وما بعد.
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
قال الله جل جلاله: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ } – سورة التوبة/٢٩ –
قال الله العزيز الكريم: { وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } – الأنفال/٦١ –