أكثر أهل العلم من القائلين بالقسامة على أن القتيل إذا قال قبل موته: دمي عند فلان يتهمه؛ فإن ذلك لا يوجب قِسامةً إلا إذا كان ثمة لوثٌ بأن غلب على الظن صدق القتيل في دعواه لعداوة أو غير ذلك، وبه يقول الثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي، وحكاه القرطبي عن جمهور العلماء.
وقال مالك والليث: هو لوث يوجب القسامة. (١)
مغ جـ 10 (ص 23) القرطبي جـ 1 (ص 457) بداية جـ 2 (ص 517) شرح جـ 11 (ص 144، 159).
(♦) وما ذكرته بَعْدُ هو تفسير معنى اللوث عند الفقهاء، وحاصل الأمر: أن اللوث عندهم على مذهبن الأول: هو وجود العداوة بين المقتول والمُدَّعَى عليه تقوى احتمال صدق المدّعِي، والثاني: غلبة الظن بصدق المُدَّعِى لأي سبب حقيقي يفيد هذا الظن والعدواة سبب من الأسباب، ومن هذه الأسباب أن يدخل رجل دار جماعة من الناس ثم يخرج من دارهم متشحطًا بدمه ولا يوجد في الدار غيرهم، فيدعي أهل المقتول عليهم قتله. قلت: والقسامة إنما شرعت عند القائلين بها لحفظ الدماء وقد تعثر معرفة الجناة بالإدلة والبينات، ولا شك أن في عصرنا الذي نحن فيه قد ضاقت دائرة العمل بالقسامة حتى تكون قد انعدمت لتقدم علوم الأدلة الجنائية وآلاتها. انظر في معنى اللوث في المصادر المذكورة من المسألة، وانظر شرح جـ 11 (ص 145).
(١) قلت: وقد ادعى الإِمام مالك -رحمه الله- تعالى فيما قاله هو والليث الاتفاق وأنه مما أجمع عليه الأئمة قديمًا وحديثًا، وهو أدعاء عجيب من الإمام مالك -رحمه الله- وقد فنده القاضي عياض المالكي -رحمه الله- إنصافًا ونزاهةً فقال في نقله النووي عنه: ولم يقل بهذا من فقهاء الأمصار غيرهما (يعني مالك والليث) ولا رُوِيَ عن غيرهما، وخالف في ذلك العلماء كافة، فلم ير أحد غيرها في هذا قسامةً. انظر شرح جـ 11 (ص 144).
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –