مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف أن صوم رمضان لا يصح إلا بنيةٍ من الليل، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وغيرهم رحمهم الله تعالى.
وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: يصح بنية قبل الزوال. قال: وكذا النذر المعين، وأما صوم القضاء والكفارة فلا يصحان إلا بنية من الليل (١).
مج ج 6 ص 258.
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي –
(١) انظر بداية ج 1 ص 386، الحاوي ج 3 ص 400، مغ ج 3 ص 22
قلت: وأما صيام التطوع فذهبت طائفة إلى صحته بنية من النهار إن لم يكن قد طعم شيئًا، رُوي هذا عن عليٍّ وابن مسعود وحذيفة بن اليمان وطلحة وأبي أيوب الأنصاري وابن عباس، وبه قال الشافعي وأبي حنيفة وأحمد ومالك فيمن يسرد الصوم فلا يحتاج لنية من الليل. وممن قال يصح صوم التطوع بنية من النهار: السعيدان ابن المسيب وابن جبير والنخعي. قلت: ومن هؤلاء من لم يشترط كون النية قبل الزوال وهم الأقل ومنهم من شرط أن تكون قبل الزوال (قبل الظهر) وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي وهو المعتمد في مذهبه، والمعتمد في مذهب أحمد جوازه في أي جزءٍ من النهار وهو ظاهر ما رُوي عن أحمد -رحمه الله-، قال الموفق -رحمه الله-: وقال رجل لسعيد ابن المسيب: إني لم آكل إلى الظهر أو إلى العصر أفأصوم بقية يومي؟ قال: نعم. قال الموفق: واختار القاضي في المحرر أنه لا تجزئه النية بعد الزوال. قلت: وقد حكى الإِمام النووي القول بصحة الصيام في النافلة بنية من النهار قبل الزوال عند الجمهور في شرح صحيح مسلم ونقله عنه الحافظ في الفتح، ولم يحك هذا القول في شرح المهذب، وعندي أن ما يحكيه النووي في المجموع أوثق من حيث النقل عن الجمهور منه عن نقله في شرح صحيح مسلم فإن شرح مسلم كان قد أتمه -رحمه الله- وهو لا يزال يصنف في شرح المهذب وكان تارة ينقل عن شرحه لصحيح مسلم في المهذب فالله تعالى أعلم. قلت: وعد هذه المسألة من مسائل الجمهور كما ذكر النووي ليس بعيدًا، وذهبت طائفة إلى اشتراط النية من الليل كصيام الفريضة، رُوي هذا عن ابن عمر – رضي الله عنهما – وبه قال أبو الشعثاء جابر بن زيد ومالك وزفر وداود والمزني وأبو يحيى البلخي من الأصحاب في المذهب الشافعي وهو قول الليث وابن أبي ذئب. حكاه عنهما الحافظ في الفتح. انظر: الحاوي ج 3 ص 405، مغ ج 3 ص 30، مج ج 6 ص 260، بداية ج 1 ص 386، فتح ج 8 ص 282، نيل ج 4 ص270، شرح ج 8 ص 35.
قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى)). – حديث صحيح أخرجه البخاري –
♦ النية: مَحلُّ النِّيَّةِ القَلبُ؛ وهو محلُّ الاعتقاداتِ كُلِّها. – الموسوعة الفقهية –
♦ الأصلَ في النيَّةِ الاقترانُ بالأداءِ، كسائِرِ العباداتِ. – الموسوعة الفقهية، تبيين الحقائق للزيلعي –