جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم عند قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية للإمام وللمنفرد. رُوي هذا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ (١) وعمار بن ياسر وأبيِّ بن كعب وابن عمر وابن عباس وأبي قتادة وأبي سعيد وقيس بن مالك وأبي هريرة وعبد الله بن أبي أوفي وشداد بن أوس وعبد الله بن جعفر والحسين بن علي وعبد الله بن عمر ومعاوية وجماعة آخرين من المهاجرين والأنصار رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
وروى الجهر كذلك عن خلائق من التابعين منهم السعيدان بن المسيب وابن جبير وطاوس وعطاء ومجاهد وأبو وائل ومحمد بن سيرين وعكرمة وعلي بن الحسين وابنه محمَّد بن عليٍّ وسالم بن عبد الله بن عمر ومحمد بن المنكدر وأبو بكر بن محمَّد بن عمر وابن حزم ومحمد بن كعب ونافع مولي ابن عمر وعمر بن عبد العزيز وأبو الشعثاء جابر بن زيد ومكحول وحبيب بن أبي ثابت ومحمد بن شهاب الزهري وأبو قلابة وعليُّ بن عبد الله بن عباس وابنه محمَّد بن عليٍّ والأزرق بن قيس وعبد الله بن مغفل ابن مقرن رحمهم الله تعالى.
وقال بالجهر أيضًا من بعد التابعين: عبد الله بن عمر العمري والحسن بن زيد وعبد الله ابن حسن وزيد بن عليّ بن حسين ومحمد بن عمر بن عليٍّ وابن أبي ذئب والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه. حكى هذا القول عن هؤلاء جميعًا الحافظ أبو بكر الخطيب.
ورُوي هذا القول عن بعض هؤلاء الحافظ البيهقي، وزاد في التابعين عبد الله بن صفوان ومحمد بن الحنفية وسليمان التيمي وممن تابعهم المعتمر بن سليمان.
وحكى هذا القول عن بعض هؤلاء ابن عبد البر وزاد فقال: هو قول جماعة أصحاب ابن عباس طاوس وعكرمة وعمرو بن دينار، وقول ابن جريح مسلم بن خالد وسائر أهل مكة، وهو أحد قولي ابن وهب صاحب مالك، وحكاه غير ابن عبد البر عن ابن المبارك. رحمهم الله تعالى أجمعين.
قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى في الفاتحة قولًا واحدًا، واختلف عنه في البسملة هل هي آية من أول كل سورة على قولين: المعتمد في المذهب يجهر بها في أول كل سورة في صلاة الجهر للإمام وللمنفرد.
وذهبت طائفة إلى أنَّ المستحب في البسملة هو الإسرار بها في الصلاة السرية والجهرية للإمام وللمنفرد. وحكاه ابن المنذر عن عليِّ بن أبي طالب وابن مسعود وعمار ابن ياسر وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم، والحكم وحماد والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة. وهو مذهب أحمد وأبي عبيد، وحكي كذلك عن النخعي، وحكي عن ابن أبي ليلى، والحكم أن الجهر والإسرار سواء (٢).
مج ج 3 ص 274، 275.
(١) ورُوي عنهم خلاف ذلك حكاه الترمذي وغيره.
(٢) قلت: وحكى الموفق في المغني ما يوهم خلاف هذا الذي أثبتناه في هذه المسألة، ونقل قول الترمذي من أنه لا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها (يعني بالبسملة) غير مسنون وقال الترمذي: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – ومن بعدهم من التابعين. منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ. قال الموفق: وذكره ابن المنذر عن ابن مسعود وابن الزبير وعمار، وبه يقول الحكم وحماد والأوزاعي والثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي. قلت: هذه من المسائل التي تعارض فيها النقل عن الجمهور، والأقرب عندي هو ما نقله النووي عنهم، والترمذي قد لا يعول على نقله عن الجمهور بعد الاحصاء والاستقصاء -رحمه الله- تعالى إذا عارضه من هو أثبت منه في هذا بخلاف ما لو أقرهَّ عليه غيره والله تعالى أعلم. انظر مغ ج 1 ص521، بداية ج 1 ص 164. الحجة ج 1 ص 96.
عن نعيم بن عبدالله المجمر صلَّيتُ وراءَ أبي هريرةَ فقرَأ: { بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ } ثم قرَأ بأُمِّ القُرآنِ حتى بَلَغَ { وَلَا الضَّالِّين } فقال : آمينَ . ثم يقولُ إذا سلَّمَ : والذي نَفسي بيَدهِ إنِّي لأشبَهُكم صلاةً برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
الراوي : أبو هريرة رضي الله عنه | المحدث : النووي الدمشقي | المصدر : الخلاصة | الصفحة أو الرقم : 1/370 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج :أخرجه البخاري معلقاً بعد حديث (782)، وأخرجه موصولاً النسائي (905)، وأحمد (10449) باختلاف يسير.
عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((صلَّيتُ خلفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأبي بكرٍ، وعمرٍ؛ فكانوا لا يذكُرونَ بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ في أوَّلِ قراءةٍ، ولا في آخِرِها)) – حديث صحيح رواه الإمام مسلم –
> يمكن أن يقال: إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يَجهَر بها أحيانًا وأحيانًا كان يُسِرُّ بقراءتها، وما دام الأمر خلافيًّا فلا يجوز التعصب لرأي من الآراء، والامر واسع.