جمهور العلماء بل عامتهم على أن النوم في الجملة ينقض الوضوء، وأكثرهم على أن الذي ينقض منه النوم مضطجعًا وأن من نام ممكنًا مقعدته من الأرض فلا وضوء عليه، وبه يقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما. وهو قول أبي حنيفة في الاضطجاع وهو مذهب الشافعي في كل ما ذكرناه.
وقالت طائفة: يَنْتَقِضُ الوضوء بالنوم على كل حال. روي معناه عن أبي هريرة وابن عباس وأنس رضي الله تعالى عنهم. وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو عبيد والحسن والمزني وابن المنذر.
وقالت طائفة: ينقض كثير النوم دون قليله على كل حال. حكاه ابن المنذر عن الزهري ورييعة والأوزاعي. وهو إحدى الروايتين عن مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة وداود: إن نام على هيئةِ من هيئات الصلاة لم ينتقض سواء كان خارج الصلاة أم داخلها، وإن نام مستلقيًا أو مضطجعًا انتقض.
وحكي عن ابن المبارك وجماعة من التابعين أن نوم المصلي خاصة لا ينقض.
وذهبت طائفة إلى أن النوم لا ينقض الوضوء مطلقًا. حكي هذا عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – وأبي مجلز وحميد الأعرج. وحكي عن سعيد بن المسيب أنه كان ينام مرارًا مضطجعًا ينتظر الصلاة ثم يصلي ولا يعيد (1).
مغ ج 1 ص 162، 165. بداية ج 1 ص 49، القرطبي ج 5 ص 221.
(1) مج ج 2 ص 18، الحاوي ج 1 ص 178.
> عن صَفوانَ بن عسَّال رَضِيَ اللهُ عنه قال: (( كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمُرُنا إذا كنَّا على سفرٍ أنْ لا ننزِعَ خِفافَنا ثلاثة أيَّامٍ ولياليَهنَّ، إلَّا من جنابةٍ، ولكنْ من غائطٍ وبَولٍ ونومٍ )) رواه الترمذي واللفظ له، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد. حسَّنه البخاريُّ كما في (التلخيص الحبير) وقال الترمذي: حسنٌ صحيح.
> ( كانَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ينتظِرونَ العِشاءَ الآخرةَ حتَّى تخفقَ رءوسُهُم ، ثمَّ يصلُّونَ ولا يتَوضَّؤونَ )
الراوي : أنس بن مالك | المصدر : صحيح أبي داود – حديث صحيح.
“حتَّى تَخْفِقَ رؤوسُهم”، أي: تَميلَ مِنَ النُّعاسِ والنَّومِ وهم في حالةِ الانْتِظارِ، فإذا أُقيمتِ الصَّلاةُ، قاموا لها دونَ أنْ يتَوضَّؤوا وُضوءًا جديدًا بسبب النَّومِ على تلك الحالةِ؛ وذلك لِتَمكُّنِهم في الجلوسِ.