باب في التطهر بغير الماء المطلق هل يجزئ؟
مسألة (6)
جماهير السلف والخلف على أن رفع الحدث وإزالة النجس لا يصح إلا بالماء المطلق. وبه يقول مالك والشافعي ومحمد بن الحسن وزفر. وهو قول أبي عبيد وأبي يوسف في أن الطهارة لا تكون إلا بالماء.
قلت: قد حكى ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه من أهل العلم على عدم جواز الطهارة بماء الورد ونحوه.
وقال أبو حنيفة: يجوز إزالة النجاسة بكل مائع طاهر مزيل للعين (١) كالخل وماء الورد. وروى عن أحمد ما يدل على نحوه. وحكى عن ابن أبي ليلى وأبي بكر الأصم جواز الطهارة بكل مائع طاهر، وروي عن علي أنه كان لا يرى بأسًا بالوضوء بالنبيذ (٢). وبه يقول الحسن البصري والأوزاعي، وقال عكرمة: النبيذ وضوء من لم يجد الماء. وقال محمَّد بن الحسن: يجمع بين النبيذ والتيمم. حكاه الماوردي عنه (٣).
وقال إسحاق: النبيذ حلوًّا أحب إليَّ من التيمم وجمعهما أحب إليِّ.
وقال أبو حنيفة: بجواز الوضوء بالنبيذ عند فقد الماء كقول عكرمة وحكى عنه تقييده ذلك في السفر وذلك إذا لم يشتد نبيذ التمر إذا عدم الماء. وحكى عنه الجمع بين التيمم وبين الوضوء به وحكى عنه الرجوع إلى قول الجمهور وهو الأصح عند كثير من أهل مذهبه. وحكى عن الأوزاعي وسفيان الثوري جواز الوضوء بأي نبيذ مطلقًا (٤). مج ج 1 ص 141، مغ ج 1 ص10 بداية ج 1 ص 45.
(١) وهو قول أبي يوسف وداود. وروى عن أبي يوسف أنه لا يجوز في البدن إلا بالماء. انظر مج ج 1 ص 143. قلت: ولا خلاف أنه لا يجوز إزالة النجس بما لا يزيلها كاللبن والمرق. انظر مغ ج ص 9. (٢) النبيذ: يعني الماء ينبذ فيه التمر أو الزبيب ليحلو به الماء. وقد ذكر الموفق ضعف هذا المروى عن علي – رضي الله عنه -.
(٣) انظر الحاوي ح1 ص 47.
(٤) انظر في هذه المسألة. مج ج 1 ص 928. الحاوي ح 1 ص 44. معاني الآثار في ج 1 ص 94. إعلاء السنن ج 1 ص 218 المدونة ح 1 ص 4. قلت: وأما غير النبيذ من المائعات غير الماء كالخل والدهن والمرق فلا خلاف يعلم في عدم جواز رفع الأحداث به. مغ ج 1 ص10.
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ لَه ليلةَ الجنِّ: ما في إداوتِك؟ قالَ قلت: نبيذٌ قالَ: (( تمرةٌ طيِّبةٌ وماءٌ طَهورٌ )) فتوضَّأَ منه.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح | الصفحة أو الرقم : 1/248 | خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة]
النَّبيذ: هو عبارة عن ماء منقوع به قليلاً من التمر او الزبيب او غير ذلك٬ مما يجعل طعم الماء حلو المذاق وهو بمثابة العصير الذي لم يختمر ويصبح خمراً مسكراً.